البارحة رأيتكِ في المنام..
كنّا أنا وأنت في غرفتي والجوّ باردٌ جداً.. وقود المدفأة قد نَفذ.. وكان يخرج من فمي بخارٌ.. كثيفٌ.. كنتِ ترتدين ملابسي كلها قطعةً قطعةً.. بينما كنتُ عارياً وأرتجفُ..
تلمّستِ صدري وسألتِني بسخريةٍ ” لماذا ترتجف؟”
وكنتُ أنظر إليك بحقدٍ كبير.. أريد منكِ أن تعطيني قطعةً من ملابسي دون أن أطلب منكِ ذلك.. لكنّكِ لم تفعلي ذلك أبداً، خرجتِ من الغرفة وتمشيتِ على مهلٍ في رواق بيتنا الطويل.. قرّرتُ أن أناديكِ.. ولكن لم يخرجْ منّي أيّ صوت.. كانتْ شفتاي تلفظُ حروف اسمكِ بفظاظةٍ.. و مَعدتي تدفع الهواء بشدّة.. لكنّ حنجرتي أَبَتْ أن تُخرج أيَّ صوتٍ..
بعدها.. فجأةً.. ظَهرتْ أمّي… وبدأتْ تناديكِ: (ياعاهرة.. يا قَحباء) ولكن ليس بصوتِها بل بصوتٍ رجوليٍّ أعرفهُ.. ثمّ اقتربتْ منّي وصَفعتني على خدّي.. عندها استيقظتُ.. في الواقع حَضرة الرّقيب هو من صَفعني على خدّي.. حَضرة الرقيب هذا.. كان يمكن أن يكونَ شاعراً لولا الحرب.. صَوته هو الذي سمِعتُه في المنام.. كان يَنعتني بصيغةٍ أنثويّةٍ ذكيّةٍ بالعاهرة والقحباء..
سألني بعدما استيقظتُ: (أتعرفينَ أبو الولد ؟ ) وهو بذلك يُكَنّي الحدثَ بصورةٍ بلاغيّةٍ رائعة.. إن تَشابيهَ هذا الرقيبِ في غايةِ الذّكاء.. والسّرعة.. إنّه تماماً يمتلكُ صفاتِ الشّاعر اللّحظي الذي عَملْنا عنه حلقةَ البحث أنا وأنتِ في الكليّة، هو يقصدُ أنّني عاهرةٌ حامل.. لم تُدركْ حَمْلها.. كَوني غِبتُ عن الوعي أثناء العقوبةِ الليلية.. أو العقاب الرومنسيّ كما نُسمّيه، والذي يجب علينا فيه أن نبقى واقفين كالـ ” أعضاءِ الذّكريّة المنتصبة” عندما تَرى فَرْجَ امرأةٍ – حسب تشبيه الرقيب – وأنه أيّ عضوٍ منا نحن الأعضاء.. يهتزّ أو يتراخى.. سيكون ذلك طعناً برجولته “.. ، يجب علينا أن نبقى واقفينَ في بردٍ قارصٍ بملابسنا الداخلية فقط.. حتى تتّصل ” عَليا” به.. وعَليا لم تتصل أبداً.. “عليا” هي حبيبة الرقيب وهي تشاركنا في كلّ العقوبات تقريباً.. . في إحدى المرّات طلبتْ عَليا منه أن يترأف بحالنا.. فصبَّ جام غضبهِ علينا.. وبقي يُسمعها صريرَ أسناننا من البرد .. فرداً فرداً.. أو عضواً عضواً حسب تشبيهه.. وطلبَ منّا أن نَشتُمها بهتافٍ جماعيٍّ كي تكرَهنا.. شَتمناها لكنّها لم تفعل.
في إحدى المرّات.. جَعلَنا نصيحُ حتّى الصباح ” أحبّكِ يا عَليا.. أحبّكِ يا عَليا” كلّنا هنا نُحبُّ عَليا.. نَعشقها ربّما.. والبارحةُ كنّا نتمنّى من كلِّ قلوبنا أن تَتصل.. لكنّها لم تفعلْ ذلك أبداً.. كنتُ أنا الذي أوقفتُ العقاب.. بعد أن غِبْتُ عن الوعي صبَّ عليّ جام غضبه.. وأفرغَ فيّ حقدَ أشواقه.. وبعد أن انتهى منّي… اتصلَ هو بعَليا.. ومن ثمّ نقلوني إلى هنا.. إلى مستوصفِ الكتيبة.. من حيث أكتبُ إليكِ هذه الرسالة.. بِحجّة أنني وقعتُ أثناء التدريب.. أعتقد أنّ أنفي قد كُسر.. لا يهمّ.. أتعلمين.. الحياةُ جميلةٌ هنا في المستوصف.. أتمنّى أن يَفرزوني إلى الطبابة.. فَمَن يخدمون في الطبابةِ يُمكنهم الحصول على الإنترنت.. أتعلمين أيضاً.. الآن تذكّرتُ أنكِ قد سافرتِ.. كنتُ قد نسيتُ ذلك تماماً.. والبارحة بعد المنام.. عندما كنتُ أتلقّى الضرباتِ والشّتائم (عاهرة.. حامل).. شعرتُ بالأمومة فعلاً تِجاه الذاكرة..
فعلاً العاهرات هنَّ فقط من لا يدركْنَ حَملهنَّ.. وهذا المنام هو ابنٌ غير شرعيٍّ لِتَضَاجعٍ ما.. أشعرُ أنّي أحبَل بالذاكرة.. وبأنّي سألدها يوما ماً.. وستكون إبناً مشلولاً.. أو معاقاً
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.