كلُّ هذا الهُدوءْ، لم يَكن قبلَ العَاصِفةْ
كانَ العَاصفةَ؛
مُتعبةً
ومَسيرٌ هادئٌ لوحيداتِ التّأملْ،
حلمٌ يأخذُ شكلَ أكَمةٍ مُدبّبةِ الأغصَانْ،
وعصافيرَ تحفرُ قبوراً في الأعشاشِ وتبيضُ شَواهدْ.
………………………
لم يكنْ المساءُ واضحاً بعدْ، ولا النّومْ،
وألمُ الرأسِ يُحاكي ذبابةٍ ترتطمُ بلا كَللٍ بالشُّباكِ،
تحاولُ دخولَ النّافِذةِ المُغلقةْ:
“لا شَيء خلفَ الشبّاكِ، إلا خَيالاتٌ عمياءَ تَصطَدمُ بالظّلالْ”
كِلانا وَهمٌ يُثبتُ وَهماً، وهذا الوجودُ انغلاقٌ مؤكّدْ
نوافذُ مُسدلةٌ بالحنينْ.
………………………
الأبوابُ ممتلئةٌ بتجاعيدِ الوجوهِ الَّتي مرَّتْ عَليها وغَابتْ، كلُّ بابٍ كابوسٌ باردْ،
ودورانُ الأقفالِ لهُ غالباً نفسُ الوَقعْ:
“جناحينِ أو طعنةْ”.
………………………
المطرُ!!
هو المطرُ إذاً،
يقرعُ في المزاريبِ المَعدَنيّةِ طبولَ جحافلٍ من سُيولْ
يُجمّعُ نفسهُ لدَحرِ وحلِ الطّريقْ،
بينما الهواءُ يطلقُ صفيرَ الرَّحيلِ الأخيرِ
لرَكبٍ من الأقدامِ الحافيةْ.
………………………
ويتنقّلُ النّعاسُ بخفّةِ أفعى بين حشائش الجفونْ
ولا نومَ واضحَ بَعدْ
يهرولُ الضوءُ نحو منزلهِ في عينينِ تحلمانْ
تلتمعانِ بالخيبةْ.
………………………
تتألمُ الأشياءُ،
تفحُّ من الفقدِ النِّهائي للحظَةٍ لم تُؤرَّخْ قَطّ
كلُّ شيءٍ سَيذَهبْ
كلُّ شيءٍ يَذهبْ
كلُّ شيءٍ ذَهبَ ولا مساءَ واضحَ بعدْ
والأشياءُ غارقةٌ في مَلكوتِها المُوحشْ:
” أليسَ هَذا فَرحَاً جَماعيّاً بحقّ ! “.
………………………
مكنسةُ آخرِ جامعٍ للحَكايا،
” تَقشُّ” فُتاتَ الأمسِ منَ الأرصِفةْ
تلمُّ بذورَ الزَّمنِ “البُورْ”،
تَزرَعها في بَراميلِ النّفاياتْ،
لتُنبتَ طحالبَ معطّرةً بالنّسيانِ،
حينَ تُسفَحُ الشّمسُ من مَسامِ الكونْ، مجدّداً،
في ذاكَ الدّورانِ الغبيِّ للــــ ” الزّمنْ “.
………………………
“هل رأيتَ يوماً ظلّاً فارقهُ صَاحبهْ !”
في المدنْ، كثيراً ما يحدُثُ هَذا،
تهيمُ الظِّلال وَحِيدةْ، نهراً من الحبرْ
كلُّ الفراغِ المحيطِ، صَفحاتُها،
تَخطُّ طلاسمَ تُمحى، عندَ أولِ مفترقٍ بلا إنارةْ
تُمحى، بالعتمةِ المشتهاةْ
تأخذُ كُتلتها في زَاويةْ.
………………………
يمشونُ في الّليلِ،
يمشونَ دونَ خُطىً أو تقدّمْ
أشباحُنا “الخارجونَ” من مقبرةِ الذّاكرةْ
يفتعلونَ الضجيجَ قليلاً،
مستَترينَ بصوتِ احتفالٍ قريبْ
نلمَحهمْ في صفحةِ الوهمِ،
يتموجونَ برفقِ الدَّوائرِ في البحيراتِ،
نستلقي على كفّهمْ بسَكِينةْ،
نعضُّ يقظَتَنا دونهمْ،
نسهبُ في ثرثرةٍ عنْ أيِّ شيءٍ أحمقٍ، قمنا بهِ معهمْ مرّةً،
ثمَّ نَغفو،
نَغفو أخَيراً، ولا نحلمُ بالغدْ، “الغدُ مصيدةٌ للخَيالْ”
ننجُو قليلاً، ننجو بموتٍ مُستحقٍّ،
ندفنُ فيهِ الخيالَ ونحلمْ.
تعليق واحد
تنبيه المشاركة سخافاتُ الأمسْ – فَجْوَةْ
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.