الصفحة الرئيسية / نصوص / رأي / سؤال عن العلمانيّة/نقاش دحنون.

سؤال عن العلمانيّة/نقاش دحنون.

كثيرةٌ هي المقالات والبحوث التي حملت ذات عنوان المكتوب هنا؛ سؤال عن العلمانية، لكنّ دحنون أعادت طرحه يوم الإثنين الفائت بتاريخ 20/06/2016 كتجديدٍ للنقاشات والأسئلة غير المنتهية وغير المغلقة أساسًا في هذا الشأن، ما هي العلمانيّة؟ ما تعريفها؟ من هو العلماني؟ ما علاقتها بالإيمان والإلحاد؟ ما ذا نعني بالحكومة العلمانية؟، هذا وغيره العديد من الأسئلة والأفكار التّي ولّدها النقاش على صفحة دحنون في موقع الفيسبوك.
نضع هنا بعض الرّدود كما هي وبعضها مختزلًا في حال وجود تشابه أو تكرار، ليس من الشّرط أن يتضمّن هذا المقال نتائجًا أو خلاصات، لا انتهاء للأسئلة في أيّ حقلٍ فكريٍّ وفلسفيّ، كما مازال باب التّعليق على المقال مفتوحًا، بل هي الآن آراء من -مشكورًا- تفاعل مع السؤال.
أمل فارس:
العلمانية كمصطلح حملت هالة أكبر بكثير مما تعنيه، لا أعرف السبب لكن للوهلة الأولى يظن القارئ أنه أمام مصطلح معقد يجب تفكيكه ودراسته، مع أن العلمانية هي السلوك الأقرب للفرد منذ الخليقة وقبل نزول الأديان عندما كان هناك (الإنسان،الحياة، الخبرة)، أي تجريب كل شيء لتكوين المعرفة المجردة بعيدًا عن التابوهات والنظريات المسبقة وأطر القداسة. العلمانية هي طبيعة الإنسان قبل ضغطه وتعليبه في منتجات الدين وخيالات القائمين عليه. هي الحيز الموجود بين الإنسان وخالقه الخصوصي جدا والبسيط، ما عدا ذلك كله يدخل في علاقة الخالق مع مخلوقاته. في الماضي كان هنالك متلازمة “السيف، الدين، النفوذ” واليوم هنالك “النووي، الدين، النفوذ” لم يختلف شيء تغير بسيط فقط بالكادر السياسي والحكومات، بمعنى أن الدين كان ومازال يستخدم بيد السياسة لتمهيد واخضاع فئة معينة في مكان ما في هذا العالم.
سمير سليمان:
من المفيد تحديد الإطار المطروح للنقاش المفتوح تجنباً للتشتت في الحديث حول التفرعات العديدة التي يمكن أن يحتويها موضوع عام وواسع كمفهوم العلمانية مثلاً أو الثقافة أو الإيديولوجيا .. الخ . مثلاً ماهو المراد بالضبط من سؤال العلمانية المطروح أعلاه؟ هل العلمانية على مستوى المنهج العقلي في التفكير؟ ام على مستوى الممارسة العملية وطريقة مواجهة المشاكل الحياتية عند الأفراد؟ الأول يحيل إلى الفلسفة والثاني يحيل إلى علوم التربية، هل السؤال يتعلق بالأفراد أم بالكيانات الإجتماعية أم بطريقة الحكم؟ فلايمكن وضع جواب واحد في تعريف العلمانية لهذه الساحات المختلفة في العلوم، فالأولى تتصل من ناحية بعلم نفس الأفراد، وتتصل من ناحية ثانية بعلم الإجتماع عبر البعد الإجتماعي للفرد، كما تتصل مع بنية الدولة عبر بعده ككائن سياسي بعلاقة المواطنة، كما تتصل الكيانات الإجتماعية ( طوائف وإثنيات على إختلافها ) مع الدولة عبر المؤسسات الديموقراطية ( أو القمعية ) المكرسة ودرجة نضج المجتمع المدني ومؤسساته. والأسئلة المطروحة أعلاه ليست موفقة كثيراً، فالسؤال من هو العلماني ومن هو الملحد يوحي وكأن العلمانية نقيض الإيمان، فيجري خلط هنا بين العلمانية كطريقة حياتية عند الأفراد أو كأسلوب حكم عند الدولة وبين العقلانية النقدية كمنهج في التفكير عند الفرد أو كأسلوب ديموقراطي في الحكم ، والإنسان العادي الذي يذهب للطبيب عندما يمرض يكون علمانياً بتصرفه هذا، ويكون دينياً بذات الوقت عندما يدعو الله أن يشفيه من المرض، أي أن العلمانية والتدين مترافقان عند عموم الناس في حياتهم العادية، وأعتقد ان موضوعكم الأساسي هنا في علاقة العلمانية بالديموقراطية وكيف تستدعي إحداهما الأخرى أو قد لاتستدعي. رأيي الشخصي أننا يجب أن نطرح سؤال العلمانية من خلال بحثنا عن الديموقراطية. هل العلمانية في الحكم تشترط الديموقراطية ؟ لا . فقد عرفنا أنظمة شمولية وطغيانية كانت علمانية في دساتيرها . كذلك نعرف أنظمة سياسية ليست علمانية تماماً ولكنها واسعة الديموقراطية والحريات الفردية ( لايزال الكثير من ولايات أمريكا تحرّم تدريس الداروينية ) . الديموقراطية هي مؤسسات الدولة التي تمنع الطغيان, فهي إذن شكل الحكم وتداول السلطات واحترام الحريات للأفراد وللجماعات. أما العلمانية فهي طريقة تفكير وتدبر المشاكل التي تواجههم بالطريقة التي يرونها مناسبة وناجعة إن كان على مستوى الدولة والمجتمع أم على مستوى الأفراد . والموضوع أكثر تشعباً مما أقوله هنا باختصار, وهذا سبب آخر لتحديد إطار سؤال العلمانية من أجل فائدة أكثر في النقاش.
عبدالله قطيني:
العلمانية بالمفهوم السياسي هي فصل الدين عن الدول والابتعاد عن شيطنة الدين وتسييسه خدمة لأغراض محددة. والعلمانية بالمفهوم الفلسفي ان نؤمن بالعلم كاسلوب للتقدم والتطور مع الاحتفاظ بالعلاقة مع الله كمسار شخصي وحالة ايمانية منفردة، من هنا نصل الى مفهوم الالحاد، فالملحد هو من يتنكر لوجود الله كخالق ومدبر لهذا الكون نظرا لطغيان العلم وتقدم الاكتشافات في المجالات كافة. لذلك وبرأيي أن العلاقة مع الله يجب ان تبقى حالة ايمانية منفردة، وبالتالي يمكن الجمع بين الإيمان بوجود الخالق والعلمانية.
أحمد ساس:
العلمانيّة جاءت في محو السلطة الدينيّة على هيئة وشكل الحكم السياسي، المثال التركي المطروح في المنطقة، جاء بعد محو سطر “دين الدولة هو الإسلام ” من الدستور الموافق عليه لعام 1924 بعد أربع سنوات من إقراره، بالتالي فصل الدين عن الدولة دون أيّ مرفقات أخرى ممكن أن تغطي على هذا المعنى، هو ما يوسم بصفة العلمانيّة المعروفة، ينظر العلماني لمسألة الدّين بأنها شيء روحاني خاص ليس من المفترض أن يدخل تحت قبّة السيطرة على الدولة بشكلها الحالي المتعارف عليه، فالعلماني قد يكون شخصاً مؤمناً وقد لا يكون كذلك، أمّا بالنسبة للشخص الملحد، فهو شخص رافض لمفهوم الألوهة كقوة خارقة جاءت بالمادة الأولى قبل حدوث الإنفجار العظيم دون دليل علمي مرفق بها، يُفسّر عملية نشوء الكون ووصوله إلى ما نحن عليه الآن، فكيف إذن بمسألة الدّين كرسالة سماويّة من هذا الإله لمخلوقاته من الجنس العاقل ( البشر ) وما جاء فيه من تعليمات، الملحد علماني بالضرورة، أما العلماني فليس كذلك .
جورج sy:
يُكثّف المعنى سياسياً بفصل الدين عن الدولة، أي تحييد الإنتماء و الفكر الديني (على تنوعه) عن اعتباره كأساس فكري محدِّد لدستور الدولة المعنية و كل بنيتها القانونية مع إمكانية مراعاة الخصوصية المجتمعية في ذلك، في مقابل اعتماد دستور ناظم و بنية قانونية معاصرة و متوافقة مع تطور مفاهيم المجتمعات البشرية. المقارنة و البحث عن العلاقة بين العلمانية و الإلحاد مقارنة خاطئة بالأصل، فالعلمانية ذو اتجاه أفقي ناظم للمجتمع و الإلحاد والأديان مبحث آخر عامودي الإتجاه. نعم تتعارض العلمانية مع الأديان بجانبها الدنيوي التنظيمي و هي أساس مشكلة المجتمعات الإسلامية في صعوبة قبول الفصل سيما أن للإسلام شق دنيوي قدسي ناظم للمجتمع بخلاف المجتمعات المسيحية و طبيعة المسيحية كدين قائم فقط على الشق الديني الروحاني. لا معنى لمصطلح ( حكومة علمانية ) فالحكومات هي هياكل إدارية قائمة على قانوني علماني. تعود العلمانية بالأديان إلى حالتها الفطرية الأولى باعتبارها اعتقاد فكري فردي لا عامل جمع اجتماعي فارض لرؤيته بحكم القوة العددية و ذلك جوهر الصراع مع الإسلام السياسي مثلاً . أما إيجابيات العلمانية بحرية الاعتقاد و الإنتماء و العدالة الإجتماعية و المساواة بين كل أفراد المجتمع على اختلاف أديانهم و مذاهبهم و أعراقهم و ألوانهم فلا مجال لمقارنتها بأي فكر آخر. ناصر قنبر: العلمانية برأيي هي العلاقة التي تنظم تعامل الاتجاهات الايدلوجية مع بعضها بعضا ضمن المجتمع الواحد بحيث لا تسمح لاى ايدلوجية ان تصبغ لون الدولة بلونها. دواعش العلمانية هو التيار الذي يصر على ان تبقى العلمانية على حال تاسيسها سلفية تختص باقصاء الدين عن الدولة مسقطين ملابسات مهمة في ان حاجة المجتمع وقت تبنتها أوروبا لم يكن يهدده أي نوع اخر من التسلط و لو ان العلمانية قامت بعد الحرب الثانية لنادت بتحييد القومية و العرقية الايدلوجية الشيوعية عن المجتمع كخطر اكبر من الدين. و هذا ما يبرر خوف المتدين و حتى غير المتدين منها.
فادي عزّام:
لا خصّ للعلمانية بالإلحاد .. ولا للعلمانية بالعلم .. المصطلح .. من العالم .. والأصح من الدهر … التشويه الحاصل من ” مدعي العلمانية الساذجة ومن الأصوليين، والاصولية هنا ليس المتديني فحسب بل طبقات اجتماعية متوعة . مصالحها تقتضي بعدم فصل الديني عن الدنيوي.
/تشكر دحنون كلّ من قدّم رأيًا وتعتذر ممّن لم ترد تعليقاتهم وذلك لتشابهها مع سواها، لا تتدّخل دحنون في صناعة الرأي بل تقدّمه كما ورد، متابعة هذا النقاش مستمر هنا كتعليقات على موقع دحنون كما بالإمكان المتابعة على صفحة دحنون في موقع الفيسبوك/.

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.