.
.
.
.
عيسى إدريس
.
قد تكون ضحية/ مظلوماً .. لأنك من طائفة معينة ولأسباب معينة . لكنك لن تكون أبداً على حق لأنك من طائفة معينة .. مهما كانت الأسباب. إن ما يبرر للجلاّد الظلم هو شعوره بالاستحقاق (أي أنه على حق لأنه هو، لا لشيئ آخر) مما يدفعه إلى الشعور بالغيظ النرجسي تجاه كل من يطالب بحق أو يحاول وضع حدود لذلك الاستحقاق البهيج. والغيظ النرجسي “مصاب بالصمم ولا يخضع للتعبير عنه بالكلام”، كدر النَّفْس التي صُدِمتْ بوجود إرادة آخر ورغبة أخرى في مطلق الذات الذي لا يقبل القسمة (كبت الإختلاف وبالتالي تجنّب الاعتراف بأي واقع أو آخر مُقلِق .. واقع انصهاري سابق على أيّة ثنائية/ تبادلية، فيه كل اختلاف عدوان).
مقابل هذا، قد تهزم الضحية نفسها عبر خنوع ذاهل، وقوف خارج الذات (كمشاهد) أتمتة الطاعة واحتمائها من الظلم بالظالم مما يكتنز وبشكل خفي شعور بإدانة الذات لا مخرج منه لدى الضعفاء سوى الشكوى والإدعاء على الظالم .. و من ثم تبرئة الذات، وهنا تبدأ الضحية من حيث بدأ الظالم: الشعور بالاستحقاق من جديد، لكن بآلية مختلفة هي الحسد المتكوم الذي برّر أصلاً الاحتماء بالظالم في السابق. الضحية التي لم تواجِه حسدها بعد، لم تواجِه فعل الظالم في داخلها، ولم تكتشف أثر ماضيها على حاضرها (هي تعرف فقط ماضيها كمستندات ظلم) هذه الضحية هي مشروع جلاد لاحق لا يختلف عن جلادها المتحقق سوى بطزاجة شهيتها للظلم ومبالغتها بالشعور بقدراتها (التعويضية طبعاً).
.
– هل علينا أن نعتذر للحرية كلما ارتكب معارض/ ثائر .. فعلاً من أفعال الظالم ؟
– هل فعل “الاصلاح” قدر سوري .. كي ننشغل بترميم الحلم كلما أراد هذا المعارض أو ذلك الثوري أنْ يُنفّس عن حسده للظالم ؟
– هل ندعي “ثورة” عندما نبرر لأحد السير إلى الوراء بحجة أن لديه من مستندات الظلم ما يكفي لجلد العدل نفسه؟
– هل هذه ثأرية الضد، مقاومة كامنة للتغيير؟
– إذا كانت عيوننا لم تغمض على الغيظ النرجسي للظالم، فما العمل مع البُرء النرجسي للضحية ليقوم بما يقوم ؟
– هل يريد من يرتكب ما لا يليق بالحرية .. أن يوصلنا إلى القناعة بالصبر على ما لا نستطيع تغييره؟
.
لو أراد السوريون تبرير هذا.. لكان أجدى بهم أن يعكفوا على اكتشاف فنون جديدة للصبر على الظلم “الأليف”، من أن يخلقوا فرصاً جديدة لظلم موحش.
قد تكون مظلوماً لأنك أنت، لكنك لن تكون أبداً على حق لأنك أنت ومهما كنت.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.