نجاة عبد الصمد

نجاة عبد الصمد

طبيبة جراحة وكاتبة. صدر لها في الترجمة عن الروسية: مذكرات طبيب شاب (قصص). الشباب جسد وروح (كتاب طاولة). بلاد المنافي (رواية). غورنيكات سورية (مرويات).

قرن الفول

نجاة عبد الصمد     “كنتُ طفلاً حين رحلت فرنسا عن بلادنا. في ذلك الربيع لم نزرع حقلنا بالفول. أسير في العصرية مع المرحومة أمي. لا أحد على الطريق. يلوح على يسارنا بساط  طويل من حقول فولٍ تعود لأقاربنا. تقول…

أيمن

نجاة عبد الصمد    كفتنة الموج يغزل خطواته بين السادة المترفين. مفتونٌ بشبابه، بصهيل الحياة في عينيه، وبطعم التفاحتين، والورد، والنعناع، والعنب، تمتزج كلُّها في رئتيه بطعم حريقٍ وطعم لقمة عيش. *حاضر…جايي…يالله، يالله.. ويسبقه إلى تلبية النداء دخانٌ، وروائح مدوّخةٌ،…

الوشم

نجاة عبد الصمد خاص بدحنون   كلّما مرّ الجرّاح بساحة المدينة، ورأى أسراب الوشوم تختال كالغربان قفزت إلى ذاكرته صور شقيقاتها القديمة التي رسم بيديه مصيرها البائس. يذكر أنه قليلاً ما استساغ رسومها العجفاء، ونادراً ما لفتَهُ فيها أيُّ إبداع:…

بين الشرع والضمير

من النافدة الخلفية نجاة عبد الصمد   إلى الدكتورة سلوى: تحية إليك أينما كنتِ، فهاتفكِ لا يجيب منذ مدّة…   كنا في ندوة طبيّة في حلب منذ حوالي خمس سنوات. عنوان الندوة: “الإجهاض ما بين الشرع والعلم والمجتمع”. موضوع ساخن…

هيفاء

من النافذة الخلفية لنجاة عبد الصمد     ” وقعْتُ في الحمّام “. لفظتها وأغضَتْ جفنها الحلو. ظلّت عيناها نبيلتين حتى وهي تكذب، حتى بعد أن انتهكت الزرقة المخضرّة عاج جفنها. لم تفلح فرشاة الزينة المغموسة بالبودرة والمفروشة ـ على…

مأدبة السكر

من النافذة الخلفية لنجاة عبد الصمد خاص بدحنون     لم نكن خصمين، لكنّه هزمني. غلبني حين أودع في بيتي أكثر ممّا استدان. لم ينبت شارباه بعد. بالكاد غادر طفولته برشاقة المتخفِّف من ثقالة المدارس وهواجس الطموح. بذات الخفّة يدنو…

خرائطنا المقصقَصة

لوحة للفنان امجد وردة

من النافذة الخلفية لنجاة عبد الصمد خاص بدحنون     لم يشأ صوتها أن يصغي لأطيار القلق العابث في رأسي حين استوقفتني هندُ على الطريق المرضوض تحت زخّ المطر، ولم تنطر ردّي على صباحها الباهر السخونة. بادرت تروي لي عذابها…

السندويشة الأرجوانية…

من النافذة الخلفية تكتبها نجاة عبد الصمد خاص بدحنون    نم يا أحمد. رفاقك كلهم ناموا. غدا سنذهب من جديد إلى المول. سأشتري أغلى ما فيه. أعدك. سنذهب كما كل يوم…(إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا…) بناء اسمه ال(مول).…

تفاصيل مملة

من النافذة الخلفية لنجاة عبد الصمد خاص بدحنون     ما أردتُ شيئا أكثر من أن أهتف، أن أختبر كيف يعلو صوتي:  الله سوريا حرية وبس. أن أقول لصلاح*: أحببتك أيها الشهيد الشهم، أفرحتني سيرتك. أغضبني أن يقتلوك لأنك غنّيت…

الشاطر حسن

من النافذة الخلفية لنجاة عبد الصمد خاص بدحنون   وحدي في الكراج هذا الصباح. حشرتُ الركّاب في السرفيس، وطربت لعددهم الفائض عن عدد مقاعده، و رحت أتأمل تذبيلة عينيّ طالبة الجامعة، ورجلَيّ الولد الصغير تحاولان الانزلاق من حضن أمه المحتارةٌ…

وإن ألمّ بي ضعف…

نجاة عبدالصمد من النافذة الخلفية خاص بدحنون   وإن ألمّ بي ضعفٌ أعصب قلبي بصبر النساء على المحن. أعصبه بقامات نساء سورية التي ما انحنت من ثكلٍ ومن فقرٍ ومن تهجير. هبّت من مآدب الموت ترعى طقوس الحياة تتحضّر لزحف…

يمّا لا تبكين

نجاة عبدالصمد خاص بدحنون     “لا يُمّا …لا…يمّا لا تبكين…لا تثيرين المواجع…” لا يُمّا أنا لا أبكي، لم يموتوا جميعهم بعد. غداً ستصلنا عن إخوتي، وعن إخوة زوجي الأخبار. وإلى حينها: أنا فقط أتسلّى، أقضم الوقت و أتسلّى،  وأحيانا…

هذا الصباح …

من النافذة الخلفية تكتبها نجاة عبد الصمد خاص بدحنون       صباحٌ لزريعة الأوركاريا على مدخل البيت، هدية الدكتور مروان، فرحُه  يوم قدوم ابنه الأول والوحيد. عاش مروان بعدها سنة؛ سنة واحده، وصار ابنه في صفه الثاني، وما زالت…

من حيث لا نعلم…

من النافذة الخلفية تكتبها نجاة عبد الصمد خاص بدحنون     1ـ ربيع لم يكن يوم سعدي؛ حتى وإن استغنى العميد عن خدماتنا باكرا هذا اليوم. سنستمتع أنا وزميلي الإدلبيّ بسندويشتي فلافل، ننطلق بعدها بحبور الشبعانين إلى القابون لإصلاح قطعة…

غسالة يدوية

من النافذة الخلفية لنجاة عبد الصمد خاص بدحنون   في الليلة الأخيرة هطل الرصاص من شباك البيت. كنا من قبل نسمعه من بعيد، أو نتابع رحلاته الظافرة على شاشة التلفاز. لم يخطر ببالنا أننا سنصير اليوم أهدافه المفرفِرة إلى زوايا…

فاطمة

من النافذة الخلفية تكتبها نجاة عبد الصمد خاص بدحنون   – فاطمة تشكو من النزوح… وتشكو فاطمة  …. فاطمة التي ذوَتْ عيناها حين تضاحكتْ ليراتها في جيوب أطباء درعا ثمّ  دمشق. وعدوها بجنين سمين ملفوف بكيس هدايا أنيق، وأخلفوا. ونامت…

غورنيكا سوريّة….

من النافذة الخلفية نجاة عبد الصمد خاص بدحنون   عصرُ الجُمعة: خرادقُ صغيرةٌ مرشوقةٌ على السفح اليساريّ لوجه زينب. تبدو كوشمٍ سرياليّ خطّه زيّانٌ مبتدئ، نزقٌ، وغير موهوب. بين الخرادق الشامتة عينان مطبقتان على حبيبات الرمل، وجرحٌ موسّخٌ مشرشَرٌ يستقوي…

والليلة أيضاً

من النافذة الخلفية نجاة عبد الصمد خاص بدحنون   والليلة أيضا، و من جديد؛ سأبعث قلبي الحافي يجوس دروب أصحاب قدامى…كشامة الخدّ كانوا، ككحل العين، وذابوا في هجير الحرب.. ذاك الذي ترك قصاصة وداعٍ غامض لا تبوح إلى أين سرى…

امرأه…

من النافذة الخلفية تكتبها نجاة عبد الصمد خاص لدحنون     في منامها الرقراق، في فضاء الدار، تحت العريشة، كانت تلفّ عرائس اللبن بأصابعها الرشيقة العشرة. ست عرائس متساوية، مغمّسة بالزيت. صحت نشوانة، ومضت صوب ركن الخيمة تعدّ فطور الأولاد…

هاله

من النافذة الخلفية تكتبها نجاة عبد الصمد خاص لدحنون – تسقسق استذكارات “هاله” في استراحة المحارب بين طلقتين. ما الذي أتى بي من حيّ صلاح الدين إلى هنا؟! هناك في حلب باغتها صوت مؤذن الجامع في غير مواعيد الصلوات: هُجّوا…

حكيم

 نجاة عبد الصمد حين تشلّختْ نعال النازحين الراكضين من كل صوب ، قاصدين (مرقد العنزة الآمن)،كان حكيم ينتعل حذاءه اللامع و يتمشى على مهل في عامه الخامس عشر… إشراقة فرحته أبهى من علاماته الشحيحة ، فللتوّ نال شهادته الاعدادية من…

نهار المدينة

نجاة عبد الصمد خاص لدحنون 24/8/2012   ابنة هذه المدينة انتِ! تسيرين في ابتداء نهارها، تحكّين بخطوك الكابي زنجار قلبها؛ فتقلقلين صباحها اللامبالي… تهمسين للرمانة الذابلة في حديقة منزل على يسار الطريق، هاجر أصحابه مطلع هذا الصيف: ـ صباحك خيرٌ…

مدينتي….

نجاة عبد الصمد خاص لدحنون   ساكنةُ هذي المدينة؛ مأهولة وعامرة، وفي هناء ليلها تنام تغفو على أهزوجة تمجّد الجدود، تصحو على ترنيمة الصباح: نعوة أو اثنتين أو أكثر؛ خبر موت يذرذر في سمائها شحرقة الرماد ولذعة القرّاص وحكّة الأسئلة…

كاميرا العين في بانوراما سوريا!

نجاة عبد الصمد خاص لدحنون في حرم كنائس خَرَبا و تحت رسم يسوع ومريم… يفتح اللاجئون من درعا مصاحف قرآنهم. يرتلون، ويقيمون صلواتهم جماعة أو فرادى… وبين جموعهم تدبّ حركة متطوعي الإغاثة من أهالي السويداء … (يبدون وحيدين … لا…