لقد أرسلتَ مُلصقًا

حسين الماغوط:: صورة قديمة لي، أنا، أعرف نفسي جيداً، جبهة عريضة يتوسطها منطقةٌ شاسعة من الاحمرار الطبيعي، أنفٌ يُقارن بأنابيب التهوية المركزية لبناءٍ ضخم، حاجبين كشوارع عامة، إنه أنا، أعلم ذلك جيداً ومتأكد منه، حتى نظرتُ مرةً أخرى للصورة لم أكن موجوداً فيها، كانت فقط شجرة.

نافذة العالم الآخر

مصطفى ديب:: كنت أبحث عن شيء أنهي به مللي منذ أن بدأ الأرق يمنعني من النوم في المنزل الذي استأجرته مؤخراً، بعد أن تحول منزلي إلى كومة حجارة. وبعد مرور أكثر من خمسة عشر دقيقة، قررت العودة لممارسة هوايتي القديمة - كتابة الرسائل - والتي أقلعت عنها قبل سنوات، بعد أن قرأ والدي إحدى الرسائل التي شتمت بها عمي وأولاده.

من غير الوارد

عمار عكاش:: من غير الوارد أن تفرك يديك، فيرتّب ماردٌ بين أصابعك المكبوتة يومكَ القادم حسب ما ترغب، من غير الوارد أن يتحقق ذلك لمجرد أنك نادمٌ على نهارٍ مضى فقلّما تفرض الإرادة نفسها بهذا الشكل الصرف الواضح مثل الزُرقة حول عين ملكُومةٍ.

بكلِّ هذهِ البساطة.. بكلّ هذه القسوة

حسام ملحم:: لم نخبر الرّيح شيئاً، حينَ ركضنَا عراةً في حقلِ حنطةْ... كانَ الهواءُ يجمعُ لَفَحاتِ أجسادِنا، أصواتَنا الهاربةْ... يُطلِقُها في حصادِ البكاءِ الأخيرِ... مواويلَ ماءٍ يطوفُ ونَغرقْ

ثلاثة كلاب

طلال بوخضر:: عادل ويارا انتقلا حديثًا من سوريا إلى إحدى ضواحي اسطنبول، يتقنان اللغة العربيّة ولا شيء غيرها، عادل يبحث عن أيّ عمل، يارا طاهية، سيضطرّان للسفر لأجل شغلٍ سريعٍ طُلِبَ من يارا، قرية صغيرة قريبة تقيم مهرجان طبخ وإطعام عائلات فقيرة

كالدهشة الأولى

حسين الماغوط.. كيفَ نبدو حمقى جميعاً عندما نختبئُ قليلاً في الظل، كيفَ نبدو مُغفلينَ بِغيابٍ واحد، كيفَ نُحدِقُ بِغباءٍ ليلاً نهاراً بِمشنقةٍ تغيرَ لونُها الخامْ، كيفَ نُحاولُ التقاطَ ما تبقى منها بِسذاجةٍ مُتناسينَ أن وجودَ المشنقة، لا أهميةَ لِألوانها بعدَ الآن.

بذلة سوداء أنيقة

أنا سيّءٌ في الرّكض، سيّء جدًّا يا غزالة، يُنهكني ثقل الحزن على كتِفيّ أثناء العَدو، لم أستطع اللحاق بكِ أبدًا، لم

شُرفَةْ

حسام ملحم:: ثمَّ صفيرٌ قويٌ ذو ذبذبةٍ تتصاعدُ وتهبطُ، يصدرُ كلَّ برهةِ صمتٍ من الصّنوبرةِ القريبةْ، إنها الدّبابيرُ تُغني
هناكَ عدّةُ أعشاشٍ لها بينَ ضفائرِ الصنوبرةْ، جوقةٌ هائجةْ جوقةٌ تقرعُ طبولَ الحربْ، جوقةٌ تستطيعُ قتلَ عدة كائناتٍ إن اجتمعتْ عليها
لكنّها فقطْ ككلِّ الكائناتِ، يحلو لها أن ترفعَ غناءها عالياً في الليلْ

شهيد!

غفران طحّان:: السؤال الذي طرحه السائق بحشريّةٍ زائدةٍ عاد يدور في رأسي، وحملني إلى قلبِ أم ثكلى، في لحظةٍ كنتها، أكذب الخبر الذي جاء، أشهق، أندب، أرتمي أرضاً، وأصرخ: كيف تركتني أيّها الموت، وأخذته.. ثمّ أنهض لأزغرد، وأمشي بخيلاء، فأنا أمّ الشهيد، لحظات وأنكسر، ويغلبني دمعٌ لا يفتر.. أتساقط فوق الجثة، وألثم كلّ جزء فيها، أناجي الشهيد.. وأعاود التماسك. .أنهض، أطالبهم بدفن وجنازة تليق.. وما إن تمضي الجنازة حتى أنهار مجدداً.. كان قلبي يؤدي دور الأم التي كنتها في خيالي واقعاً، فقد كان يتقطّع، ويخفت في نبضه، ثمّ يتسارع، يضربني بقوة يريد الخلاص، ثمّ يخفت..

خفقاتٌ أخيرةٌ قبلَ الموت

إيناس أحمد:: - أريدك أن تكتبيني ياورد، أحبُّ أن أرى نفسي في سطوركِ، اكتبيني بقلم الرّصاص الذي لا يصدر أحكاماً بالإعدام على الجُمَل بتمريرِ خطوطٍ فوقها، خُذِي القلمَ والأوراقَ يا ورد وهيّا أعيدي صياغة حِكايتي على مزاجِ قلمكِ، ولتكنْ مسودتك هذه المرّة هي نصّك النهائي، اكتبي ياورد، من أوّل السطر...