كلام في الماء

عدتُ البارحة من العمل مُنهكةً تمامًا، غير قادرةٍ على أخذ نَفَس. أمطَرَت طوال اليوم، كُنتُ أرغبُ بالاختفاء،

كالدهشة الأولى

حسين الماغوط.. كيفَ نبدو حمقى جميعاً عندما نختبئُ قليلاً في الظل، كيفَ نبدو مُغفلينَ بِغيابٍ واحد، كيفَ نُحدِقُ بِغباءٍ ليلاً نهاراً بِمشنقةٍ تغيرَ لونُها الخامْ، كيفَ نُحاولُ التقاطَ ما تبقى منها بِسذاجةٍ مُتناسينَ أن وجودَ المشنقة، لا أهميةَ لِألوانها بعدَ الآن.

بذلة سوداء أنيقة

أنا سيّءٌ في الرّكض، سيّء جدًّا يا غزالة، يُنهكني ثقل الحزن على كتِفيّ أثناء العَدو، لم أستطع اللحاق بكِ أبدًا، لم

شُرفَةْ

حسام ملحم:: ثمَّ صفيرٌ قويٌ ذو ذبذبةٍ تتصاعدُ وتهبطُ، يصدرُ كلَّ برهةِ صمتٍ من الصّنوبرةِ القريبةْ، إنها الدّبابيرُ تُغني
هناكَ عدّةُ أعشاشٍ لها بينَ ضفائرِ الصنوبرةْ، جوقةٌ هائجةْ جوقةٌ تقرعُ طبولَ الحربْ، جوقةٌ تستطيعُ قتلَ عدة كائناتٍ إن اجتمعتْ عليها
لكنّها فقطْ ككلِّ الكائناتِ، يحلو لها أن ترفعَ غناءها عالياً في الليلْ

خفقاتٌ أخيرةٌ قبلَ الموت

إيناس أحمد:: - أريدك أن تكتبيني ياورد، أحبُّ أن أرى نفسي في سطوركِ، اكتبيني بقلم الرّصاص الذي لا يصدر أحكاماً بالإعدام على الجُمَل بتمريرِ خطوطٍ فوقها، خُذِي القلمَ والأوراقَ يا ورد وهيّا أعيدي صياغة حِكايتي على مزاجِ قلمكِ، ولتكنْ مسودتك هذه المرّة هي نصّك النهائي، اكتبي ياورد، من أوّل السطر...

حديثُ الأحياء

أمل فارس:: من بين ثلاث جنازاتٍ حضرتُها غاب عنها وجه أبي.
الجنازة الوحيدة التي لم أحضرها علقت في مخيلتي.
نحن أبناء المُخِيّلة لسنا أبناء الحقيقة.
للحقيقةٍ أبناءٌ، يولدون عجزةً ومعاقين، يموتون كذلك، لكنّهم يتركون ألماً حادّاً في قلوب من يعرفهم..

مَسُّ القِمار

ماجد اليمن::يوقظني عند الفجر نحيبٌ لمواءاتِ قططٍ، تتشاجر فيما بينها حول هيكلٍ عظميّ لسمكةٍ وحيدة، وبينما هي تنشغل بذلك، يقوم عجوزٌ من المشرديّن بسرق بقايا السمكة، فلا يجد فيها سوى العينين، ما يُمكن أن يؤكل، يفقأهما بكلا بَاهميه، ثمّ يمتصهما دفعةً واحدة. أشعلُ سيجارةً أولى ثمّ أقف على يديّ وأهيمُ على وجهي فوق كتف الأرض، أمطّطُ ساعديّ، أُليّنُ جانبيّ وخصري، وأعود إلى أول الشارع.

الخارج

فهمي بلطي - كتاب بأسره كتبه غوركي اسمه أمّي. أقصد, اسمه الأمّ. هل تراني سأمزح بأمّي من أجل مجرّد استعارات؟ ليس للأمر علاقة بقداسة الأمومة، ولا بدناسة العالم، بل بشيء آخر رهيب وغامض وبعيد كلّ البعد عن الخير والشرّ، والجمال والقبح. أمّي.

علبة الأحلام!

غفران طحان - نادراً ما أسمح لنفسي بحلمٍ عفويّ، فكلّ أحلامي مرتبةٌ ضمن قائمة أحضرها بشكلٍ دوريّ، ثمّة أحلامٌ قديمة مازالت مدسوسة في قعر الذاكرة، أحياناً أخرجها، وأنفض الغبار عنها لأرتديها ذات ليل هادئ..

سَكينةُ الشُّرود

ماجد اليمن:: - يخافُ المرءُ من الموت قدرَ خوفه من المجهول. أمّا أنا، فأخشى الرحيلَ مبكّراً، مع ذلك، لم أُولَدْ بعد، ما زلت كواركاً، وتراً، مالانهايةً، ولربّما فراغ.

-لا يحقُّ لك الإنتحار وأمُك حيّة، أما زوجتُكَ، فحيّةٌ واجبٌ قتلَها، لسانُها عابثٌ بالسُّمِّ، لولاها ما انتحرت.

-أحبُّ في الشهر مرّتين . وفي اليوم امرأتين.

حديث الأحياء

أمل فارس - أمرٌ مُحبِطٌ أن تكون فكرة الموت حاضرةً في الذِّهن طوال الوقت، مدهشٌ كذلك، تخيلوا فقط كمّ الطيبة المُنفَلتة حينها!.

مِحجَرُ عَينْ

محمد الحاج حسن:: "اذهبْ وتعلّم لغةً أخرى، قضيتُ سنواتي في تَعلُّم لغة الموتى، لكي أعيدَهم، ولم أستطعْ، لعلّك تجدُ حبيبةً هناك، تقرأ عليها أشعاراً عن النّصر والحبّ، واحذرِ المسخَ الذي في دواخلِنا، لربّما يَنبتُ لكَ جناحان من جهنّم، فتعودُ قاتلاً، كما أصبحتْ الشّظايا وكلماتِنا المسروقة"

حتّى الّذين خَرجوا سَالِمينْ

أحمد إبراهيم :: كان الشّتاء أكثرَ قسوةً من الحرب كلِّها،
كنتُ أحاولُ دائماً إخفاءَ رجفَةِ البردِ، كي لا يعتقدَ الآخرون أنّها خوفٌ من المعركة.
في السّابق، كانتْ جدّتي دائماً تُرغِمُني على ارتداءِ كنزةِ صوفٍ عتيقةٍ خوفاً من بردِ الشّتاء.
لهذا أردْتُ أن أصبحَ كاتباً، كي أكتبَ الشّتاء دونَ كنزةِ صوفْ.

أوتارٌ يابِسة

حسين الماغوط:: - الموسيقا هي عويلُ العالِقينَ في جحيمِ الانتظار، الموسيقا هي عويلُ العالِقينَ في جحيمِ الوجودِ ولا يجدونَ مهرباً منه، الإنسانُ لا يستطيعَ تفادي وجودهِ وسطَ رقعةِ شطرنج ومعركة ٌ تشتعلُ داخِلها، الإنسانُ لا يستطيعَ تفادي وجودَهُ بأيِّ شكلٍ منَ الأشكال.

ما زالتْ تعزفُ، أصبحَ اللحنُ أكثرَ بساطةً من قبل، مع استمرارِها بحديثِ الانتظارِ لِسنوات.